[center][i][b][size=18] -أحمد البياتي. جورجيا
حينما دخل المشجع البرازيلي مباراة ربع النهائي مع هولندا كانت احتمالات الفوز و الخسارة متساوية لكونها مباراة كرة قدم كأي مباراة اخرى, تحمل خفايا و لا يمكن توقعها. لم يستغرق الامر اكثر من عشرة دقائق ليدرك الاعمى و البصير ان البرازيل كانت تحتكر كلما يتسم بالخطورة و اتضحت نوايا دونغا حيث ان اداء المنتخب البرازيلي في بداية المباراة كان يوحي بنية مؤكدة لسحق المنتخب الهولندي الذي لم يبدي اي معارضة على سيطرة المنتخب البرازيلي و كأنه آمن ببديهية الاداء و النتيجة. كان اداء السيرك الذي يقدمه المنتخب البرازيلي مستمرا حتى اطلق السيد يوشي نشيمورا صافرته معلنا نهاية الشوط الأول و بداية مهزلة كارلوس دونغا.
حينما يسجل دونغا اول خسارة بتاريخ البرازيل في كأس العالم بعد التقدم على الخصم فان الخلل في دونغا و ليس في البرازيل اذ الشوط الأول و الشوط الثاني من تلك المباراة محال ان يكونا من ذات المباراة لمشجع لم يتابعها. إن كان هناك مضادات في عالم كرة القدم فإن شوطي تلك المباراة هما افضل مثال فان اجتياح الملعب هجوما و السيطرة الدفاعية المطلقة في الشوط الأول واجهها ضعف رهيب في المقدمة و دفاع مشتت تماما في الشوط الثاني. حينما يحاول الكاتب التحدث عن الشوط البرازيلي الثاني من الصعوبة ايجاد شيء للكتابة لانه باختصار شوط “فارغ” حيث انه لا دفاع فيه و لا هجوم و لا اي شيء يمت لكرة القدم بصلة حتى ان المنتخب الهولندي استصعب عليه استيعاب الفرص حتى وصل الامر به الى اهدار فرصة تحصل عليها ثلاثة مهاجمين هولنديين امام الحارس و مدافع برازيلي وحيد!
ينتهي الحديث عن تلك المباراة بكون الطريقة التي لعب بها كارلوس دونغا في الشوط الثاني هي الطريقة الوحيدة الممكنة لقيادة البرازيل الى الخسارة حيث ان الفوز كان في متناول اليد كما حدث في اخر ثلاث و ثلاثون مباراة في كأس العالم سجلت فيها البرازيل قبل الخصم. و بذلك الاداء وجه دونغا رسالة الى السيد يوهان كرويف مفادها ان قيمة تذكرة مباراة البرازيل تساوي نصف قيمتها فقط بعدما صرح الاخير بان البرازيل لا تستحق شراء تذكرة لمشاهدة مبارياتها فكمشجع برازيلي افضل ان ادفع من جيبي على ان اشاهد شوط تلك المباراة الثاني. هنا يأتي الدور على الاتحاد البرازيلي مجددا حيث ان تحضير المنتخب اعتمد على اسوأ تنظيم ممكن و لا يبدو ان سياسة الاتحاد في مسار التغير حيث ان سياسة المباراة الودية الفاشلة ازدادت سوءاً حتى وصلت إلى مرحلة المباريات الودية اللاموجودة. في مرحلة دونغا كان اختيار الوديات مبني على اساس مادي بحت و لا يبدو ان شيئا تغير من اتحاد اختار زيمبابوي و تنزانيا لتحضير منتخبه للمونديال. لم يكن منتخب دونغا محضرا لمواجهة اي منتخب قوي حيث ان المنتخبات التي تعود عليها اغلبها كانت تمر بفترة سيئة او هي منتخبات ضعيفة اساسا حيث لم تواجه البرازيل اي منتخب اوربي بقوته و حتى فشل في اول اختبار امام هولندا.
التوجه بالشكر لدى المشجع البرازيلي اصبح عشوائيا بعض الشيء اذ ان دونغا هو من يجب عليه ان يشكر الاتحاد البرازيلي و يقبل ايادي المشجعين فردا فردا للصبر عليه و اعطاء الفرصة لمدربٍ هاو. كون دونغا لا يمتلك خبرة تدريبية قبل استلامه تدريب السيليساو ليس امرا يعاب عليه اذ ان ما قدمه امر ممتاز بالنسبة للقدراته و لكن ادارة الاتحاد البرازيلي تتحمل اللوم بالكامل لخروج السيليساو من كأس العالم خالي الوفاض. في شتى محاكمات من اتهموا بجرائم الحرب من رؤساء او قادة, تحملوا هؤلاء مسؤولية تصرفات مسؤولين صغار فقط لانهم كانوا تحت سلطتهم و ذات الامر ينطبق على سياسة الاتحاد البرازيلي التي اعطت لدونغا الحق بالتصرف بكل حرية في امور المنتخب بلا حساب. بطولتي كوبا امريكا و كأس القارات التين فاز بهما دونغا تحصل بها على حساب منتخبات من الصنف الثاني او الثالث كايطاليا التي ودعت من الدور الأول مثبتةً عدم براعة دونغا بسحقها مرتين و ايضا فان التغلب على مارادونا و باسيلي ليس بالشيء الكبير لان كلاهما اسوأ من بعض.
يقول المدرب الاسكتلندي بيل شانكلي “يتقد الناس ان كرة القدم هي مسئلة حياة او موت. تلك الاعتقادات و التوجهات المتعصبة تصيبني بخيبة امل. استطيع ان أؤكد لكم بان كرة القدم اهم و اكثر بكثير من ذلك.” هذا و مع العلم ان بيل شانكلي ولد و ترعرع في اسكتلندا و عاش في انجلترا و لم يقترب اطلاقا من البرازيل ب”رونالدو”ها و “بيليه”ها و مؤخراً “دونغا”ها. مثل ان الاختلاف بين الرائع شانكلي صاحب التاريخ الاسطوري مع ليفربول و رونالدو مثلا ان بيل شانكلي تمتع بالحكمة قبل ان يتعامل مع كرة القدم إلا ان رونالدو و شاكلته فضلوا كرة القدم على الحياة منذ الطفولة حيث يقول رونالدو “ كل مرة اذهب فيها كنت اخدع والدتي. اقول لها اني كنت ذاهبا الى المدرسة و لكن في الحقيقة كنت اتجه الى الشارع لألعب كرة القدم. كان هنالك دائما كرة على قدمي." وضع من هو في مستوى تعلق المشجع البرازيلي تحت امرة دونغا كان الزاما قد يفهمه المشجع الشرقي كأجبار السيدة فيروز على الغناء مع هيفاء وهبي و هيهات بين هيفاء و فيروز!
هنا انتهت قصة سبعة آلاف مشاركة بعهد دونغا و بدأ العد من جديد و ما اراه يبشر بخير
رمضان كريم.
برازيلي الى الأبد
08:47 - 08/23
[/size]
[/b][/i][/center]
